لا إضراب الثلاثاء… إلّا إذا

كتبَ قزحيا ساسين في “السياسة”:
لا شكّ في أنّ قضيّة المعلّمين المتقاعدين في القطاع الخاصّ تتصدّر القضايا المُحقّة بامتياز.
في الواقع، تحفظ وحدة التشريع بين القطاعين الرّسميّ والخاصّ، في التعليم، حقّ التساوي، لا سيّما في مسألة الرُّتَب والرّواتب.
غير أنّ متقاعدي التعليم الخاصّ يستمرّ راتبهم منذ بداية ارتفاع صرف الدولار حتّى اليوم، مُستَثنى من أيّ زيادة، وعمليّا يُعتبَر المتقاعِد منهم بلا راتب تقاعُديّ، لأنّ رواتبهم تتراوح، تقريبا بين المليون والثلاثة ملايين، في حين أنّ زملاءهم المتقاعدين في التعليم الرّسميّ حصلوا على ستّة رواتب إضافيّة في الشهر، استنادا إلى راتبهم القانونيّ.
والغريب في الأمر، بعد المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي، بين نقابة المعلّمين والأمانة العامّة للمدارس الكاثوليكيّة، برعاية وزير التربية، بدت نتائجُها الإيجابيّة، على مستوى التصريح الكلاميّ، قد ذهبَت مع الهواء، لأنّ الأمانة العامّة لم تَحضر الاجتماع المقرَّر لتوقيع الاتّفاق، الذي أتى بحسب ما تريد، ولم يكن مرفوضا من أيّ طرف. ويقضي أن تدفع إدارات المدارس الخاصّة خمسة وستٍين مليار ليرة لبنانيّة شهريّا، لصندوق التعويضات، فيُضاف خمسة رواتب كلّ شهر لكلّ معلّم متقاعد.
والمبلغ المذكور لا يرتّب على المدرسة الخاصّة أكثر من مليون ليرة عن التلميذ الواحد سنويّا.
والسؤال اليوم، هل ستُحَلّ المشكلة الإثنَين المقبل؟ أم سيبدأ إضراب معلّمي القطاع الخاصّ المفتوح صباح الثلاثاء؟
لا تبدو الأمور متّجهة نحو التأزّم، لأنّ الورقة التي أعدّتها مراجع الإدارات هي المطروحة للحلّ، وفي الوقت نفسه تريِّثت هذه المراجع في توقيعها مع نقابة المعلّمين. ولن يكون إضراب إلّا إذا ظهَر لمراجع الإدارات الخاصّة طرح جديد لا يفي بالمطلوب بالنسبة للمعلّمين.
إنّ قضيّة متقاعدي المدارس الخاصّة هي قضيّة المعلّمين الذين لم يتقاعدوا بعد، أوّلا بِحكم وحدة الجسم التعليميّ، وثانيا لأنّ المعلّمين كلّهم ذاهبون إلى التقاعد واحدا تِلو الآخر.
وليس من العدل أن يموت جوعا من حمل مدرسته أربعين سنة على كتفه وكتف طبشورته البيضاء. مع العلم أنّ الحلّ المقترَح يقصّر كثيرا عن إعطاء المعلّم المتقاعد ما يكفي لحياة كريمة بالحدّ الأدنى، غير أنّه هو الممكن في هذا الزمن الرديء.
صحيح أنّ سلسلة رتب ورواتب جديدة تعيد توحيد الرواتب لا سيّما بين مدرسة وأخرى في التعليم الخاصّ، مثلما بين المدرسة الخاصّة والمدرسة الرّسميّة. لكنّ هذه السلسلة لا يمكن أن تكون حلٍّا إلّا إذا راعت القيمة التي خسرتها الليرة اللبنانيّة، وفي هذه الحال ستكون محتاجة إلى أرقام تعتبرها الدولة خياليّة لأنّها غير قادرة على الالتزام بها بشكل دائم. أمّا المدارس الخاصّة، فمشكلتها محلولة باعتبار أنّها تتّجه منذ ثلاث سنوات نحو زيادة معيّنة بالدولار على رواتب معلّميها، بهدف الوصول بعد سنتين أو ثلاث إلى راتب يتساوى بقيمته مع الراتب الذي كان قبل ارتفاع سعر صرف الدّولار.
لن تكون سلسلة جديدة للمعلّمين قريبا، لأنّ الدولة لا تحتمل سلسلة تضاف إلى السلاسل التي على عُنقها.